اطلق ساكنة أقبية حي 8 ماي 45 السوريكال بباب الزوار في ولاية الجزائر نداء استغاثة لوالي الولاية ووزير السكن من أجل تنفيذ لوعود التي اطلقوها اتجاههم عدة مرات بخصوص انتشالهم من حياة البؤس داخل اقبية تحت الأرض، مهددين بالاحتجاج أمام مقر الولاية في حال لم تشملهم عملية الترحيل المقبلة.
ن. بوخيط
عبرت العائلات القاطنة بأقبية عمارات حي السوريكال في باب الزوار في حديثها للجريدة عن مخاوفها من إقصائها من عملية الترحيل المقبلة التي تستعد لها ولاية الجزائر، مؤكدين أن وضعيتهم لا تحتمل، خاصة خلال تهاطل الأمطار، حيث يصبح العيش داخل سكناتهم التي تقع أسفل العمارات تشبه الجحيم، ولا فرق بين الإقامة داخلها وخارجها سوى التهوية التي يحصل عليها السكان عند خروجهم للشارع.
السكان متخوفون من تكرار سيناريو الشتاء الفارط
زاد من مخاوف العائلات القاطنة بأقبية الحي المذكورة تأخر ترحيلهم إلى سكنات قبل نهاية هذه السنة مما قد يؤدي إلى تكرار سيناريو شهر فيفري المنصرم، حين تهاطلت الأمطار بغزارة وحولت يوميات السكان إلى جحيم جراء حدوث فيضانات أدت إلى تسرب المياه إلى داخل الشقق التي غرقت في مياه الأمطار واستدعى الأمر تدخل مصالح الحماية المدنية لامتصاص المياه وإجلاء العائلات.
وحسب أحد سكان حي السوريكال، فإنهم طيلة فصل الشتاء يتابعون يوميا نشرة الأرصاد الجوية لمعرفة الأحوال في اليوم الموالي لتفادي بقائهم داخل أقبيتهم في حال توقع تهاطل الأمطار بغزارة خوفا من تكرار سيناريو الشتاء المنصرم و الذي – حسب جمال- قاطن بقبو على مستوى عمارات حي السوريكال، أصبح هاجس بالنسبة له.
وقالت العائلات القاطنة بالأقبية أن وضعيتها هذه تتكرر كل موسم شتاء، متسببة لهم في عدة مشاكل جعلت حياتهم تشبه الجحيم، وقد راسلوا السلطات المحلية مرات عديدة بخصوص المشكل إلا أنها تكتفي بإطلاق الوعود التي لم ترى النور بعد.
وفاة طفلة القطرة التي أفاضت الكأس
ما زاد من غضب سكان الأقبية، وفاة طفلة منذ فترة داخل قبو العمارة التي تقطنه رفقة عائلاتها منذ سنوات وكانت تعاني من عديد الامراض، وهي الحادثة التي أخرجت السكان عن صمتهم في ذلك الوقت، موجهين أصابع الاتهام لمختلف المصالح التابعة لولاية الجزائر، مشيرين إلى أن حياتهم مهددة بالمخاطر في أقبية تفتقد لأدنى شروط السلامة، وأضاف محدثونا الذين كانت علامة الاستياء والتذمر بادية على وجهوهم، أن السلطات على علم بكل المعاناة التي يتجرعونها يوميا جراء إقامتهم في الأقبية إلا أنها تتماطل في ترحيلهم.
وما زاد من تذمر الساكنة في اقبية عمارات حي السوريكال أن الطفلة اية التي توفيت تركت فيهم اثارا بالغة حيث كانت تقول لهم قبل وفاتها أنها ترغب في الاقامة في شقة يدخلها ضوء الشمس من كل جهة.
الأمراض المزمنة تفتك بالسكان
” نحن أموات ” بهذه العبارة لخصت السيدة ” مريم ” القاطنة بأقبية حي 8 ماي 45 بباب الزوار معاناتها مشيرة إلى الأمراض التي أصبحت تفتك بهم وخاصة بأبنائهم، مؤكدة في حديثها لـ ” العالم للادارة” أن غالبيتهم مصابين بأمراض الحساسية والربو، وبحسرة بدأت تتحدث عن إبنها البالغ من العمر 04 سنوات والمصاب بالربو ورغم تتبع حالته الصحية لدى طبيب مختص إلا أن العلاج لم يأت بنتيجة، بسبب القبو الذي يقطنون به وهو ما أكده لها الطبيب حسبما جاء على لسان محدثتنا.
من جهتها السيدة فاطمة تقطن في أقبية نفس الحي، أكدت أنه لا يمكن للزائر الذي يقصد بيتها أن يبقى فيه خمس دقائق من فرط الروائح الكريهة بسبب قنوات صرف المياه القذرة التي تمر بجانب الغرفة المشيدة بالطوب وبسبب الرطوبة وانعدام النوافذ للتهوية·
هذا وأشار مواطن بنفس الحي أنه يتم يوميا نقل والدته إلى المستشفى بسبب ضيق التنفس، وهو المرض الذي تعانيه منذ أزيد من 15 سنة، حسب رواية محدثنا الذي أكد أنه سئم الوضعية هنا وفقد الأمل في الترحيل ويرغب في ترك العاصمة والانتقال للعيش في الريف على أن يرى والدته تنقل أكثر من أربع مرات إلى المستشفى بسبب ما تعانيه من المرض، مضيفا ” على الأقل الهواء نقي بالريف رغم بعده عن الحياة العصرية”.
من جهتها أكدت إحدى السيدات التي تقطن هي الأخرى في قبو العمارة أن لها أربعة منهم اثنين مرضى بالحساسية· وبالنسبة لأكبرهم أصبح مريضا بالربو ويبلغ من العمر 15 سنة· أما أصغرهم سنة ونصف فتقوم بتهريبه إلى بيت والدتها يوميا حتى لا يصاب هو الآخر بهذا المرض المزمن بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في القبو·
العائلات محرومة من أشعة الشمس
من يسكنون تحت العمارات أو كما وقفنا عليهم، يعيشون في الظلام منذ أكثر من 30 سنة كاملة، وخلال الزيارة التي قادتنا إلى حي السوريكال مؤخرا، وقفنا على واقع مؤسف للعائلات القاطنة بالأقبية وهي معاناة لا يمكن لأي إنسان تحمل أكثر منها طيلة تلك المدة·
فلو كان بإمكاننا نقل رائحة الرطوبة وقلة الهواء أو انعدامه في الكثير من تلك البيوت المشكلة من أمتار تحت كل عمارة لفعلنا، ولو كان بإمكاننا نقل تلك الصرخات التي نطقت بها حناجر النسوة والرجال لنقلناها أيضا، وحمّلنا سكانها “أمانة” أن نفعل ما يمكننا فعله لنقل صرختهم عبر الجريدة، صرخة عنوانها ” امنحونا الحق في الحياة … فنحن أموتا تحت العمارات “.
وحسب قول إحدى السيدات بالحي أن الشمس لا يرونها إلا عند الخروج من القبو نحو المساحات المحاذية له، مما يجعل غالبية النسوة بالأقبية في باب الزوار – مثلما أشارت إليه السيدة مريم- يخرجن يوميا من بيوتهن من أجل التعرض لأشعة الشمس التي قالت أن سكان الأقبية يشتاقون إليها.
الاستحمام بالمرحاض
الحاجة أم الاختراع، هي حكمة تنطبق على هؤلاء ممن لم يسعفهم الحظ لسنوات طويلة في أن يجدوا مكانا واسعا للعيش فيه، حيث جعلوا من المرحاض مكانا لأغراض كثيرة أهمها الاستحمام فيه وتغيير الملابس فيه أيضا، المهم بالنسبة لهؤلاء أن يؤدي الغرض أو كما وصفت إحدى السيدات معيشتهم في الأقبية بأنها معيشة بـ “الحيلة ” وإلا لن تكفي المساحة لعائلة متكونة من خمسة أو ستة أو سبعة أفراد·
لكن المثير في الأمر أنه لا يمكن للشخص أن يبقى في غرفة محاذية للمرحاض، بالنظر إلى الروائح الكريهة، فضلا عن أنابيب الصرف الصحي التي تمر من سقف تلك الأقبية وكثيرا ما تتساقط قطرات تتحول إلى سيول في الشتاء على أصحاب الأقبية مما يهدد سقف القبو بالسقوط وتشكيل شقوق في الحائط وهو ما يخيف سكانها من تهديدات محتملة يوميا من سقوط السقف رغم التجديد فيه وطلائه أكثر مرة سنويا، على حد تأكيد عدد من سكان الأقبية الذين تحدثت إليهم.
كما لجأت العديد من العائلات إلى شراء أسرة من نوع خاص في النهار تستعمل كأريكية وفي الليل تستعمل كسرير، نظرا لضيق المكان ولكن حدث ولا حرج عن المطبخ الذي أخذ حيزا ضيقا أحيانا يكون بهوا صغيرا للعمارة خصوصا في فصل الصيف، حيث يتعذر على عائلات أن تطبخ في مساحة صغيرة أمام ارتفاع درجات الحرارة.
السلطات تطمأن …موعد الترحيل قريب
طمأنت رئيس المجلس الشعبي البلدي لباب الزوار اوديب اسيا في تصريح لوسيلة اعلامية مؤخرا ، أن ملفات العائلات القاطنة بأقبية حي السوريكال هي حاليا متواجدة على مستوى المقاطعة الادارية للدار البيضاء حيث تم دراستها، مؤكدة أن العائلات لها الحق في السكن اللائق وفي إطار استعجالي بالنظر إلى المخاطر المحدقة بهم خاصة في فصل الشتاء، وعلى السكان التحلي بالصبر إلى أن يتم تحديد موعد الترحيل من قبل مصالح ولاية الجزائر.
وأضافت المتحدثة في تصريح اعلامي، أن العائلات القاطنة بحي سوريكال تم احصائهم لأول مرة سنة 2011 حيث بلغ عددهم حينها 511 عائلة ليرتفع إلى 826 عائلة في الاحصاء الثاني سنة 2015.
نادية. ب
العالم الجزائري صحيفة يومية إخبارية وطنية متخصصة